- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
القرآن الكريم كلام خالق الأكوان و هو الحق المطلق :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
أيها الأخوة المشاهدون ؛ لا زلنا في الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل .
فرعون قال :
﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾
الحقيقة أن المفسرين السابقين حاروا في كلمة الأنهار ، هناك نهر واحد هو نهر النيل، فكيف نفسر كلمة الأنهار وهذا قرآن ؟ الحرف له معنى ، الإفراد له معنى ، و الجمع له معنى ، التذكير له معنى ، والتأنيث له معنى ، كتاب عربي مبين من عند رب العالمين ، فالأنهار جاءت جمعاً ، والذي نعلمه جميعاً أن في مصر نهراً واحداً هو نهر النيل .
العلماء السابقون اجتهدوا وقالوا : إن هذه الترع التي تؤخذ من نهر النيل هي الأنهار ، فجاء من ردّ عليهم : الترع ليست أنهاراً ، هي فروع من نهر ، والآية تقول الأنهار ، قال تعالى :
﴿ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾
الأمر تطور إلى أن تولت لجنة علمية من أعلى مستوى كانت تصور الأرض من الفضاء ، وهذه الصور تمكنت أن تخترق عشرة أمتار من سطح الأرض ، فإذا الكشف المذهل أن تحت مصر أنهاراً ، هذه الأنهار بعضها يصل إلى ثمانمئة كيلو متر ، وبعضها إلى أربعمئة وبعضها إلى مئتين ، هذه الأنهار تجري من تحتي ، فلما يكون في القرآن الكريم كلمة على صيغة الجمع لها معنى كبير ، وكلما تقدم العلم اقترب من تصوير القرآن الكريم ، هذا القرآن الكريم كلام خالق الأكوان ، هو الحق المطلق ، هو الحقيقة التي لا يمكن أن نجادل فيها ، لكن بقي أن نكتشف العلاقة بين آيات القرآن الكريم وبين الواقع ، فالكشوف العلمية الحديثة عن طريق الفضائيات ، وعن طريق التصوير الجوي ، استطاع أن يصل إلى عمق عشرة أمتار من سطح الأرض ، فتبين أن هناك أنهاراً في مصر ، فلذلك كلما قرأنا القرآن الكريم يجب أن نعلم أن هذا القرآن من عند خالق الأكوان ، هو الذي خلق ، هو الذي سيّر ، هو الذي صمم ، هو الذي اختار ، فكل كلمات القرآن الكريم يجب أن تنطبق انطباقاً تاماً مع الواقع ، وهذا يدل على مصداقية هذا الدين العظيم .
التفكر في خلق السموات و الأرض أمر إلهي :
من هنا وجب أن نؤمن أن الآيات الكونية في القرآن الكريم هي رؤوس موضوعات للتفكر في خلق السموات والأرض ، والإنسان لا يمكن أن يرى الله عز وجل لقوله تعالى :
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾
ولكن العقول تصل إليه ولا تحيط به ، عن طريق التفكر ، والتفكر في الأصل أمر إلهي ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
والذي يلفت النظر أن التفكر جاء بصيغة المضارع ، والمضارع يعني الاستمرار ، قال تعالى :
﴿ َيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
لذلك قال تعالى :
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾
تفكر في طعامك ، تفكر في الفواكه ، في الخضراوات ، في المحاصيل ، تفكر في خلقك ، تفكر في بنية جسمك ، تفكر في النباتات ، في الحيوانات ، لأن هذا التفكر هو أقصر طريق إلى الله ، وأوسع باب ندخل منه على الله ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
نتيجة هذا التفكر ، قال تعالى :
﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً ﴾
الله عز وجل هو الحق ، والحق الشيء الثابت والهادف ، وما سواه الباطل ، والباطل الشيء العابث والزائل .
التوقف بشكل متأن عند كل الظواهر الكونية للتفكر بها :
هذا الكون الله عز وجل يبين لنا من حين لآخر أن الطريق إلى الله طريق سالك ، وطريق عريض ، و طريق واضح ، أحد أكبر أسباب القرب من الله التفكر في خلقه ، في سمواته و أرضه ، في الجبال ، في السهول ، في الصحارى ، في النباتات ، في الجمادات ، في المستنقعات ، في الأغوار ، و لها وظيفة كبيرة .
لذلك أيها الأخوة الكرام ؛ حينما يوطن المؤمن نفسه أن يقف وقفة متأنية عند كل ظاهرة كونية ، يفكر بها تفكيراً بسيطاً ، هذا التفكير يعد من ركائز إيمانه وكأنه يرى عظمة الله ، وكأنه يرى الله عز وجل موجوداً وواحداً وكاملاً ، وله الأسماء الحسنى ، والصفات العلا ، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على فهم القرآن الكريم فهماً دقيقاً ، وهذا التطابق المذهل بين معطيات العلم الحديث وبين آيات القرآن الكريم القديم هذا التطابق المعجز بينهما أحد الأدلة القطعية الثابتة على أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن .